حدث، خلال السنوات الأخيرة، تطور فائق في سوق المنتجات المضادة للأكسدة، سواء على شكل مضافات غذائية، مشروبات، مستحضرات تجميل أو غيرها. تعتبر هذه المنتجات امنة للاستعمال ولا تحتاج إلى وصفة طبية. لكن ربما لا نفهم تماما، في الواقع، الآثار المتنوعة لهذه المواد على جسم الإنسان وصحته. وقد نشر مؤخرا بحث أجري حول هذه المسألة واكتشف أن مضادات الأكسدة قد تسبب العقم عند النساء. المواد المتنوعة المضادة للأكسدة، مثل فيتامينات E و C، تساهم على التخلص من تأثير مركبات الأكسجين الفعالة ويتم إنتاج مركبات متنوعة تحتوي على الأكسجين النشط في عمليات الأيض المتنوعة في أجسامنا (التنفس الخلوي وغيره). عملية تكون هذه المركبات تتسارع في حالات الضائقة القصوى، المجهود البدني الحاد، الحالات المرضية وغيرها. هذه المركبات تسبب ضررا لكافة الخلايا في الجسم، وبالتالي فإن مضادات الأكسدة، التي تساهم على تحييد مركبات البيروكسيد، قد تحسن الصحة وتقوم بالمساهمة على إبطاء وتيرة الشيخوخة وتلف الخلايا والأنسجة. في إطار البحث المذكور، قام فريق البحث بحقن مواد مضادة للأكسدة في مبايض إناث الفئران. ونتيجة لذلك انخفضت بصورة كبيرة كمية البويضات لدى الفئران التي تتحرر في كل دورة إباضة من المبيض إلى الموقع الذي تتم فيه عملية الإخصاب. وقد عززت تجارب أخرى الشك في أن مضادات الأكسدة تسبب هذه الظاهرة. فقد تبين، مثلا، أن بيروكسيد الهيدروجين، وهو نوع من مركبات الأكسجين النشطة، يقلد بدرجة مرتفعة من الدقة نشاط هرمون التبويض. هذه النتائج حظيت بشيوع واسع في العالم وتم نشرها مؤخرا في المجلة العلمية الشهيرة PNAS (محاضر الاكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية)، وتشير إلى أن مركبات الأوكسجين النشطه قد يكون لها نشاط حيوي على النشاط الفيزيولوجي السليم، وليست ضارة فقط كما كان منتشرا في الأوساط العلمية في العالم حتى وقتناا هذا. هذه النتائج تعزز غيرها من الأدلة البحثية التي وجدت أيضا أوجه شبه ضخمة بين عمليات التكاثر والخصوبة والعمليات الالتهابية . وطبقا لنتائج البحث، فإن التشابه اضخم بين العمليتين وأهمية مركبات الأكسجين النشطة في كليهما، قد يشير إلى وجود علاقة بين تناول الأدوية المضادة للالتهابات وأزمات في الإباضة السليمة. الكثير من الدراسات ركزت على الخصوبة والتكاثر، كما ساهمت أبحاث سابقة في تطوير تقنيات متنوعة لعلاج العقم. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستوى الخصوبة ليس الجانب العملي الوحيد لهذه الدراسة. فهي تشير الى احتمال أن اكتشاف اهمية مركبات الأكسجين النشطة في عمليات المراقبة، يمكن أن يتسبب فى تطوير وسائل جديدة لمنع الحمل تعتمد على مواد مضادة للأكسدة. وربما تكون هذه المواد، حتى، أكثر فعالية من وسائل منع الحمل المقبولة حاليا، والتي تعتمد على الهرمونات. ويواصل فريق البحث السعي، عن طريق أبحاث أخرى، للكشف عن المراحل الدقيقة و الآليات الجزيئية التي تؤثر فيها مضادات الأكسدة على عملية الإباضة في الثدييات. كما سوف يقوم طاقم المختبر، أيضا، بفحص تأثير مضادات الأكسدة على هذه العمليات عند تناولها من خلال الفم (بالشراب أو الطعام) وليس من خلال الحقن المباشر في مبايض فئران الاختبار. بالإضافة إلى كل ذلك سوف تبذل جهود بحثية في مجال علم الأوبئة من دورها أن تقوم بفحص مدى العلاقة الإحصائية بين تناول المضافات الغذائية المضادة للأكسدة عند النساء وبين أزمات العقم وصعوبة الحمل.
أضف تعليقك